Posted by: islamicethics | ديسمبر 2, 2008

موقفين متناقضين.. وأين أخلاقيات المهنة؟؟؟

 

 

 

مع تطور العلوم في الغرب واستثماره بشكل صحيح في مجالات الحياة المختلفة, نتطور نحن المسلمون في رسم أروع الأمثلة والصور التي تمثل تخلفنا ورجعيتنا. تلك الجملة لم تكن تراودني أبدًا ولكنني حينما رأيت مواقف كثيرة لم أرها إلا في مجتمعاتنا العربية المسلمة, أيقنت قطعًا بأنه لا ريب بأننا متخلفون. ولكن ما السبب يا ترى؟!

سيقول البعض إن أهم سبب هو العلم ولكن ربما كان هنالك سببا أهم من العلم ألا وهو الوقت! نعم حينما نستثمر الوقت فيما ينفعنا ونحترم مواعيدنا ونترك ثقافة التسويف نستطيع أن نلحق كل الأمم بل نتربع على عرش القمة فوقهم ونسودهم. حينما نقدر الوقت حق قدره نستطيع حينها إنجاز أمورنا بسرعة ونتعلم بسرعة ونلحق الركب بسرعة. ألسنا في عصر السرعة؟ فلماذا هذا البطء إذن؟ عشنا وما زلنا نعيش هدر دم الوقت بالتسويف والأمثلة كثيرة لكنني سأحصرها في مثالين عجيبين..

 

الموقف الأول كان منذ أسبوع حينما وجدت عطلا فنيا في سيارتي. كنت سأسافر عما قريب لزيارة الأهل وقضاء إجازة العيد معهم ولكن هذا العطل أقلقني ففضلت إدخالها صيانة الوكيل وفعلا ذهبت إليه ورأيت بأنه لا يوجد الكثير من السيارات على عكس العادة حينما كنت أرى العديد ممن ينتظرون لإدخال سياراتهم مركز الصيانة. ذهبت إلى المهندس فقال لي: هل لديك موعد؟ فقلت له لا؟ فقال لي اذهب واحجز موعدا.. فذهبت إلى الموظف لكي احجز موعدا وأنا محتار من أمر هذه الصيانة التي أصبحت عيادة طبية تحتاج إلى مواعيد.. طلبت من الموظف حجز موعد وقال لي.. لا يوجد مجال إلا بعد الحج!! فقلت له بأنني مسافر غدا إلى منطقة بعيدة في رحلة عمل ولا أستطيع أن أسافر بدون سيارة.. فانتظر قليلا ثم قال.. ما رأيك بالساعة العاشرة صباح الغد؟؟ يا للعجب! بعد تسويف وتأجيل ثلاثة أسابيع أصبح هنالك موعد للذين لديهم ظروف؟؟ ولماذا ليس كل الناس سواسية؟! فوافقت على الموعد وقال يجب ترك السيارة الآن وائتنا في الأسبوع القادم.. لم أتعجب هذه المرة فقد تغذيت منذ الصغر على كلمة تعال غدا أو بعد غد أو بعد أسبوع.. تركتها ولم أعطى سيارة بديلة كم تفعل الوكالات في سائر الدول بل أصبحت وكأنني من سبب العطل في سيارتي بينما كان السبب عيبا مصنعيا..

بعد أسبوع عدت إليهم وسألت الموظف فقال اذهب إلى فلان. ذهبت إلى فلان فقال اذهب إلى فلان وهلم جرى حتى وصلت إلى المهندس المسئول ثم قال لي لم ننته بعد من السيارة لأن قطع الغيار لم تصل فقلت له لماذا إذن حجزتم السيارة كل هذه الفترة ما دام أنكم لا تملكون قطع الغيار فسكت وقال تعال في صباح الغد وستجدها جاهزة.. أتيت في اليوم التالي وقال لي المهندس السيارة جاهزة اذهب إلى فلان ليخرجها لك وذهبت إليه فكتب لي ورقة خروج على الفور فسعدت كثيرا لهذا الانجاز السريع وسلمت الورقة للسائق المخصص فذهب ولم يعد إلا بعد نصف ساعة فقلت له أين سيارتي فقال لي: لم أجدها!! فقلت لجميع من في الصيانة أسرقت سيارتي؟ قالوا لا قلت إذن أين هي قالوا لا نعلم.. دخلت مخالفا لنظامهم وبحثت بنفسي وبعد بحث طويل وجدت سيارتي في فناء صغير وضع للسيارات التي تنتظر دورها في السمكرة والدهان!!! تفحصت السيارة ولم أجد بها شيئا أخرجتها وأنا غاضب وحينما خرجت تذكرت العطل وكان في تشغيل السيارة بالتحديد.. أطفأت المحرك ثم شغلته فإذا بالمشكلة لم تتغير وتبين لي أن المماطلة كانت بسبب عدم إصلاح السيارة.. هل أشتكي من تسبب بتضييع وقتي بلا ثمن؟؟؟ وما هو التعويض؟؟؟ تضبيع وقتي مرة أخرى… أين أخلاقيات المهنة؟؟؟

 

الموقف الثاني والمناقض للأول حصل قبل شهر حينما كان لدي جهازا كهربائيا أردت إصلاحه تحت الضمان فذهبت مسرعا إلى مركز الصيانة فوصلت الساعة 7.55 مساء ودوام المركز ينتهي في 8.00 مساء أي بعد خمس دقائق فقط وحين وصولي وجدت العمال يغلقون الأبواب فنزلت مسرعا وخاطبت العامل لماذا تغلق الأبواب؟ بقيت خمسة دقائق وهي من حقي كزبون؟ فقال لي هذه ليست أوامري.. فتركته واتجهت إلى الباب الزجاجي فإذا بي أرى موظفين اثنين مازالا في الداخل.. فأشرت لهما بأنه ما زال لدي 4 دقائق وهي من حقي فضحك أحدهما وطلب من الدخول فدخلت.. فإذا هو موظف بسيط تبدو عليه سمات الخلق الرفيع بقيت واقفا وأنا أحدثه فأصر علي بالجلوس فجلست وأنا محرج لان هذا يعني بأنني سأستغرق وقتا أكثر من وقتي الذي طالبت به فأخذت يسألني عن اسمي وعن مهنتي فأخبرته بأنني طالب جامعي في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن فقال ما شاء الله اجتهد وستجد مستقبلا زاهرا بإذن الله واخذ يحدثني عن الجامعة ومكامن الصعوبة في الدراسة وكيفية التغلب عليها وبعد ذلك أخذ مني الجهاز وقال لي لو أنك أتيت قبل انتهاء الدوام بنصف ساعة لكنت أعطيتك جهازا جديدا وعلى الفور ولكن الآن ليس هنالك أي فني فتعال في صباح الغد مبكرا واستلم جهازك الجديد فشكرته وأثنيت على تقديره وأسلوبه الراقي وذهبت وأنا متعجب من أمرين. أولهما كيفية التعامل وسرعة التنفيذ والأمانة في العمل حيث أنه علم بأن الجهاز لا يمكن إصلاحه فلم يماطل بل وعلى الفور يستلم الزبون جهازا بديلا.. والثاني ثقافة العالية وتعليمه المتفوق الذي ربما أهله إلى وظيفة أفضل من هذه الوظيفة.. رأيت ملابسه المتواضعة وحديثه الرائع فتمنيت لو كان في مكان حيوي ومنتج أكثر من هذا المكان ولكن الأرزاق بيد الرزاق الحكيم.. أتيت في الصباح ووجدت مكانه موظفا آخر فطلب مني الانتظار وبعد قليل أتى بالجهاز الجديد فاستلمته وشكرته وحينما أردت الذهاب تذكرت صاحبي في ليلة البارحة وأردت أن اسلم عليه فالتفت يمنة ويسرى وإذا بي أرى مكتب مدير مركز الصيانة فاقتربت منه قليلا وكانت المفاجأة!! إنه مدير المركز!! صاحب الملابس المتواضعة والأخلاق الرفيعة الذي اخذ من وقته لإرضائي والذي تعامل معي بودية واحترام وابتسامة.. ذهلت من موقفي هذا وتأملته مرة أخرى وإذا بصاحبي مشغول بشخص آخر واراه يعامله كما فعل ليلة البارحة.. فخرجت لكي لا أشغله وأنا أقول في نفسي.. لله درك!!

 

 

من المؤسف فعلا ألا نرى أحد كذلك المدير إلا قليلا .. وحينما نرى نتعجب ونقول لله درك!! موقفين متناقضين أولهما هو مثال حي من العديد من الأمثلة الحية التي تصور واقعنا وتركنا لواجباتنا.. وكأننا مسلمين بلا إسلام!!

ليس هذا هو الإسلام.. لقد جاء الإسلام بكل خلق فاضل في المهنة وفي غيره.. لقد تركنا ديننا ونحن لا نشعر.. كل ما نفعله الآن هو التبعية والتقليد للغرب. فما إن يتركوا حاجة حتى أخذناها من بعدهم حتى سلوكياتهم.. ونسينا أننا نتبع سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي أمر بكل خلق حسن قبل أن يأمر به غيره في حين أن الغرب الآن صبح كما قيل “إسلام بلا مسلمين” فالمتقدمين منهم قد طبقوا تعاليم الإسلام ليس من باب إتباع ديننا بل من باب التأمل والتفكر والتدبر حتى توصلوا إلى ما توصلوا إليه بدأ من الخلق وانتهاء بالسلوك.. لقد تركنا ديننا ونحن لا نشعر.. وإن الغرب ليأخذ بديننا وهم لا يشعرون..

 

 

 

ناصر مناحي السبيعي


الردود

  1. جزاك الله ألف خير

    والله قصص رائعة

  2. أنا عندي أخلاق بصراحة رائعة

    والأخلاق مو شرط نتعلمها من البشر فقط لا حتى من الحيوانات

    وإليكم بعض الأخلاق من الحيوانات

    [ النمل ]

    تخلق بخلقها في التعاون مع الآخرين
    فإنها قد تجد جرادة لا تطيق حملها ، فتعود مستغيثة بأخواتها،فتراهم خلفها كالخيط الأسود قد جئن لأعانتها ، فإذا وصلن بالمحمول إلى بيتها رفعنه عليها .
    تخلق بخلقها في الصدق وذم الكذب
    فقد ذكر الإمام ابن القيم في كتابه ” شفاء العليل ” أن نملة وجدت شق جرادة ، فحاولت حملها لكنها لم تستطع فذهبت إلى أخواتها من النمال ثم جاءت بهم سربا كبيرا ، وقبل أن تصل هي وأخواتها رفع ابن القيم شق الجرادة عنهم ، فلما لم يجدن شيئا ..ذهبن .. يقول ثم وضعت شق الجرادة فحاولت حمله فلم تستطع ، فذهبت إلى أخواتها فحضرن معها مرة أخرى فرفع عنهن شق الجرادة قبل أن تصل إليه مع أخواتها ، يقول ابن القيم فتكرر هذا الأمر ثلاثا وفي آخر مرة استدارت النمال حولها حلقة واحدة فقطعنها قطعا !

    [ الخنفساء ]

    لا تكن رديء الطبع مثلها ، فإنها إذا دُفِنت في الورد ظلت ساكنة ولم تتحرك ، فإن أعيدت إلى الروث رتعت !

    [ الحية ]

    لا تتعدى على إخوانك مثلها ، ولا تكن مثلها فإنها تأتي إلى الموضع الذي قد حفره غيرها ، وما يكفيها أن تشرب اللبن حتى تمج سمها فيه .

    [ الحمار ]

    يسير في الليلة المظلمة إلى المنزل فيعرفه ، فإذا خلى سبيله وصل إليه بغير الدليل .. وهو مع هذا يفرق بين الصوت الذي به يُستوقف والصوت الذي يحثه على السير !
    فيا ضالا طريق الجنة .. يا فاقدا التمييز بين صوت داعي الجنة وداعي النار لم تحصل في الهمة درجة حمار .. دنو أجلك .. يزيد من أملك !

    [ الكلب ]

    علمته أن يترك شهوته في تناول ما صاده شكرا لنعمتك وخوفا من سطوتك ، وكم علمك الله ورسوله وأنت كما أنت .

    [ القط ]

    إذا أحسنت إليه مرة جعل كلما رآك لاطفك ، وتمسّح بثيابك وأنت كل ذرة من بدنك تشهد بإحسان الله إليك .. وكل شعرة من جسدك مغمورة بنعمته عليك .. ومع هذا كله .. كلما رغّبك فيه .. رغبت عنه .. وكلما أدناك منه .. أحببت غيره.. وكلما واصلك .. جافيته !خاصمته وأنت أحوج ما تكون إليه .. وصالحك وهو أغنى ما يكون عنك !


أضف تعليق

التصنيفات